الحمد لله على كلِ حال والصلاةُ والسلامُ على سيدِنا محمدٍ سيّدِ الرِجالِ وعلى خيرِ أصحابٍ وأفضلِ آل. من مبطلاتِ الصلاةِ كلامُ الناس أى أن يتكلمَ الْمُصَلّى بكلام الناس، يعنى بغير الذِكْر، لأنّ ذكْرَ الله لا يُبْطِلُ الصلاة. فمن تَكَلَّم عمدًا فى الصلاةِ بحرفين اثنين-ولو كان ليس لهما معنى- أو تكلَّم عمدًا بحرف واحد لكن له معنى مثل فِ-ومعناه الأمرُ بالوفاء-وهو ذاكر أنه فى الصلاة بطلَت صلاتُهُ. هذا إذا كان يَعْرِفُ أنّ هذا الأمرَ حَرَام، أما إذا كان قريبَ عَهْدٍ بإِسلام فلم يعرف بَعْدُ أنّ كلام الناس لا يجوز فى الصلاة فتكلّم لا تفسُدُ صلاتُه.
وتَبْطُلُ الصلاة بالفعلِ الكثيرِ وهوَ عندَ بعضِ الفقهاءِ ما يَسَعُ قَدْرَ ركعةٍ من الزمَنِ. وقِيلَ ثلاثُ حَركاتٍ مُتوالياتٍ، ولكن الأولُ أَقْوَى دليلًا. شرح ذلك أنّ الإتيان بأفعال كثيرة فى الصلاة هو من مفسداتِ الصلاة، يعنى إن كانت من غيرِ أفعالِ الصلاة. قال بعضُ الفقهاء: إذا تَحَرَّك ثلاثَ حركاتٍ متواليات يكفى ذلك لإبطال صلاتِهِ. وكذا إنْ حَرَّكَ ثلاثةَ أعضاء دُفعةً واحدةً فإنّ هذا يُبْطِلُ الصلاة. وقال ءاخرون إذا تَحَرَّك حركاتٍ لو جُمِعَتْ مُدَدُها لكانت تساوى ركعةً فى الصلاة فعند ذلك تبطُلُ صلاتُهُ، وهذا القول أقوى من الأول من حيثُ الدليلُ.
و تَبْطُلُ الصلاة بالحركةِ الْمُفْرِطَةِ. فإنَّ الإنسان إذا تحرَّك حركةً واحدة لكن كانت الحركة مفرطة، كأن قفز قفزةً فاحشةً وهو فى الصلاة، أو وَكَزَ إنسانًا وكزًا عنيفًا فإنَّ صلاتَه تبطل عند ذلك.
وتَبْطُلُ الصلاة بزيادَةِ رُكْنٍ فِعْلىٍّ. فلو زاد المصلى رُكنًا فعليًا عمدًا فسدت صلاتُه. فلو كان يصلّى فقرأ الفاتحة ثم ركع ثم اعتدل ثم ركع ثانية ذاكرًا فسدت صلاتُه.
وتَبْطُلُ الصلاة بالحركةِ الواحدةِ لِلَّعِبِ. فالإنسان إذا تحرك وهو فى الصلاة حركةً خفيفةً بنية اللعب فسدت صلاتُه، وذلك لأنّ نيةَ اللعب تُنافِى نيةَ الصلاة.
وتَبْطُلُ الصلاة بالأكلِ والشُربِ إلا إِنْ نَسِىَ وَقَلَّ. يعني أنّ الشخص إذا أكل أو شرب فى أثناء الصلاة وهو ذاكر للصلاة فسدت صلاتُه، حتى لو كان ما أَكَلَهُ أو شربَهُ قليلًا جدًا، كأن بَلَعَ عمدًا الطعامَ العَالِقَ بين الأسنان فإن هذا يُبطلُ صلاتَه.
وتَبْطُلُ الصلاة بنيةِ قطعِ الصلاةِ. فمن قال فى قلبه أنا الآن قطعتُ صلاتى انقطَعَت فى الحال.
وتَبْطُلُ الصلاة بتعليقِ قطْعِهَا علَى شىءٍ، وبالتَّرَدُدِ فيه. فإنّ الشخصَ إذا نوى أن يقطعَ صلاتَه إذا حصل أمرٌ ما انقطعت صلاته فى الحال. مثلًا نوى فى قلبه أنه إذا دُقَّ الباب وهو يصلى سيقْطَعُ صلاتَهُ فإنها تنقطعُ فى الحال. وكذلك لو تَرَدَّدَ مثلًا فيما إذا دَخَلَ البيتَ سارقٌ وهو يُصلّى هل يقطعُ صلاته أم لا يَقطعُهَا فإنها تنقطع حالًا.
وتَبْطُلُ الصلاة بأنْ يمضِىَ ركنٌ معَ الشكِّ فِى نيةِ التحَرُّمِ أَو يَطولَ زمنُ الشكِّ.
أي أنَّ من شك فى أثناء الصلاة فى نيةِ التحَرُّم فقال فى قلبه هل نويتُ أو لم أنوِ؟!، ثم استمر هذا الشكُّ مدةَ ركنٍ كامل، مدةَ قراءةِ الفاتحة مثلًا، فإنَّ صلاتَهُ تبطُل، أو أنهى الفاتحة ثم رَكَعَ وهو شاكٌّ فإنَّ صلاتَهُ تبطُلُ. أما إذا شكّ ثم زال هذا الشكُّ سريعًا فإن صلاتَه لا تبطل عند ذلك. وكذلك لو طال زمنُ الشك فى غير ركنٍ تبطل الصلاة، فلو كان مثلًا يقرأُ من القرءان بعد أن أنهى قراءة الفاتحة وقبل أن يركع فشك في أثناء القراءة ثمّ طال زمن الشك بطلت صلاتهُ. وفي الختام نسأل الله تعالى أن يتقبّل منا الأعمال الصالحة وسبحان ربّك ربّ العزة عمّا يصفون، وسلامٌ على المرسلين، والحمد لله ربّ العالمين.